اعتبارا من غد الأربعاء تتبقى مئة يوم على انطلاق بطولة كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا ، في حين لا يزال هناك عمل كثير لم ينجز بعد، وعائدات تبدو في الظاهر قليلة فيما يتعلق بما سيصل منها إلى فقراء البلاد.
وفي يوم مشمس من أيام الصيف الجنوب أفريقي ، تقوم جماعات من العمال بخوذاتهم البيضاء والكمامات البرتقالية بزيادة المساحات الخضراء أمام ملعب "سوكر سيتي" في سويتو بضواحي جوهانسبرج.
أصبح هذا الملعب جاهزا تقريبا، حيث سيستضيف المباراة الافتتاحية للنهائيات العالمية في 11 حزيران/يونيو المقبل ، بين جنوب أفريقيا والمكسيك. يتسع الاستاد لنحو 89 ألف متفرج ، ويتميز بشكل معماري قريبا من شكل ثمرة قرع العسل.
وهؤلاء العمال الذين يقومون باللمسات الأخيرة في المكان ، هم مجموعة من قلة لا تزال تعمل في سوكر سيتي أو في ضواحيه.
شهد النصف الثاني من العام الماضي تقليص الجانب الأكبر من العمال الذين بلغ عددهم 3700 عامل في ذروة أعمال الإنشاءات ، بعدما تم الانتهاء من العمل في المبنى الرئيسي بالاستاد.
وخلال الشهور الماضية ، تم استبعاد أكثر من 30 ألف عامل من غير المؤهلين أو أنصاف المؤهلين ، من إجمالي 45 ألف عامل بالاستادات العشرة التي تستضيف بطولة كأس العالم خلال الفترة من 11 حزيران/يونيو حتى 11 تموز/يوليو من العام الجاري. ولم يحصل غالبيتهم على الكثير مقابل إسهامهم في كأس العالم ، عدا وعد بتذكرتين لحضور المباريات ، ومكافأة مالية قليلة.
ظل لوتي مالوبي /51 عاما/ دون عمل لمدة 20 عاما ، حتى تعاقدت معه في عام 2007 شركة "جريناكر إل تي إيه" التي تولت أعمال تجديد ملعب "سوكر سيتي" ، مقابل ثلاثة آلاف و400 راند (453 دولار).
وقال الجد الذي كان راتبه يطعم عشرة أفواه "شعرت بسعادة غامرة. أنه أمر طيب أن تستيقظ في الصباح كأي شخص آخر ، ويكون لديك ما تقتات من وراءه".
بيد أنه في دولة تشير البيانات الرسمية إلى أن نسبة البطالة فيها تبلغ 4ر23 بالمائة ، وهو ما يعتقد أنه يقل كثيرا عن النسبة الحقيقية ، لا يجلب العمل مزيدا من العمل. ومنذ أن انتهى عقده مع الشركة في حزيران/يونيو الماضي ، وقد عاد مالوبي الى بطالته.
يؤكد الرجل وهو يجلس أمام سوكر سيتي "لا يمكنني النوم ليلا ، أحلم فقط بالعثور على عمل".
ومع بدء العد التنازلي لانطلاق البطولة ، تتسبب العائدات الاقتصادية التي سيتركها الكأس للدولة المضيفة في نقاش ساخن.
وقد ذهب الجزء الأكبر من نحو 130 ألف وظيفة خلقها كأس العالم إلى الأعمال ضعيفة التأهيل والرواتب ، وهو ما يعني أنها اختفت الآن بانتهاء العمل في الاستادات والمطارات والطرق.
كما كان على قطاع الفنادق ، الذي كان يتأهب في البداية لاستقبال قرابة نصف مليون زائر ، أن يعدل من توقعاته.
واعترف الامين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم ، جيروم فالكه ، الأسبوع الماضي بأن 350 ألف مشجع أجنبي يعد رقما أكثر واقعية من الرقم المبدئي الذي تم تقديره بنحو 450 ألف شخص.
وإذا كانت الأزمة المالية العالمية وارتفاع معدل الجريمة في جنوب أفريقيا أمرين قللا من رغبة الكثيرين في السفر لحضور مباريات كأس العالم في الملعب ، هناك عامل آخر مهم هو في رفع قطاع الفنادق الجنوب أفريقي أسعاره بشكل كبير في محاولة لاستغلال فرصة الحدث الرياضي الكبير لجني المزيد من الأرباح.
فقد قامت غالبية الفنادق ومراكز الإقامة بمضاعفة تعريفتها على الأقل ، كما زادت شركات الطيران إلى حد كبير من أسعار تذاكرها في وقت إقامة البطولة.
وأعرب بعض السياسيين والمحللين عن قلقهم إزاء خطر الإضرار الدائم بصناعة السياحة في البلاد في حالة عودة الزائرين إلى بلادهم وهم يشعرون بتعرضهم للنصب.
وحذر وزير الرياضة الجنوب أفريقي ماكنكيسي ستوفيلي ، "سيعودون إلى منازلهم وهم مقتنعون بأننا جماعة من المخادعين".
على جانب آخر ، سيحرم بعض الأشخاص الذين عملوا لعقود في خدمة رواد ملاعب كرة القدم ، من العمل خلال كأس العالم.
فقد تم منع الطاهيات اللاتي يأتين من المناطق الفقيرة لتقديم أطعمة محلية بأسعار رخيصة خلال مباريات دوري كرة القدم الجنوب أفريقي ، من دخول الملاعب بهدف توفير مكان للجهات الراعية التابعة للفيفا ، مثل سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" الأمريكية.
وتتعارض العائدات الاقتصادية المحدودة التي سيخرج بها مواطنو جنوب أفريقيا العاديون والبسطاء من كأس العالم ، مع التكاليف المرتفعة لتنظيم بطولة بهذه الضخامة ، فحتى نهاية شهر تشرين ثان/نوفمبر الماضي كانت تكلفة إنشاء الملاعب الخمسة الجديدة ، وصلت إلى رقم يقدر بنحو 12 مليون راند (6ر1 مليار دولار).
ووصفت مجلة "فينويك" المحلية هذه القيمة "بالسفه".
ورغم ذلك ، يؤكد رئيس البلاد جاكوب زوما على "الإرث المجيد" الذي سيخلفه كأس العالم للأطفال والمجتمع "لأعوام طويلة".
الثلاثاء مارس 02, 2010 9:46 pm
